عشق الرعد الجزء الرابع الفصل الثاني الجزء الثاني


عشق الرعد الجزء الرابع الفصل الثاني الجزء الثاني


البداية


أمام منزل كرم
نزلت تيا من منزلها تنتظر خطيبها حتى يُقبل ويقوم بتوصليها، رن رقم غريب عليها سرعان ما أجابت وهي تظن أنه هو حسام


أتاه ذاك الصوت الذي يجعل قلبها يطرق كالطبول : تيا انا زاد، واقف الجهة التانية بعربيتي لو سمحتي تعالي عشان منزلش ويحصل مشكلة


ردت تيا بحدة : زاد أنت بتعمل ايه هنا؟ امشي لو سمحت عشان ميحصلش مشكلة وبعدين انا خطيبي جاي


رد بحدة واضحة : بقولك تعالي، أنا مش متحرك من هنا


اتجهت حيث سيارته فتحت الباب ثم صعدت داخلها، نظرت له قائلة : أنت عايز ايه؟ انا مش قولت نقفل الصفحة دي! أنت بتفهم منين انا عايزة افهم! خلاص يا زاد أنت بالنسبة ليا ماضي


ضغط على زر سرعان ما اغلق أبواب السيارة الكتروني فأكملت بانفعال : زاد أنت اتجننت، افتح الباب


رد زاد بهدوء : هو يعرف اللي كان بينا؟


تيا بغضب : وأنت مالك! وبعدين محصلش بينا حاجة انا هبقى مرات حسام يا زاد


أغمض عيناه لبرهة واردف : انا مبعرفش اقولك كلام حلو او مقنع، تيا اديني فرصة أخيرة


تيا ببرود : مش عايزة لأني معتش بحس نحيتك بأي حاجة، زاد أنا اللي حسيته مع حازم عمري ما حسيته معاك


كلمات كالثليج وقعت فوق رأسه، كادت تضغط على زر لكنه مسك يدها يضغط عليها، صرخت بحدة : زاد ايدي ابعد


صرخ فجأة وهو يكسر زجاج الشباك، لا تقدر على قول أنها خافت منه لأن بعد الحادثة أصبحت تخشى رجال العالم سواه هو ويوسف فقط، أغمض عيناه لبرهة ثم فتح الباب لها


خرجت نهائي وأسند رأسه على عجلة القيادة، شهور ينسحب في النهاية ولا يقوي على تغيير رأيها..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


في قصر الشافعي
بعدما تأكد رعد الصغير من عدم وجود آيسل بالداخل دخل هو يطمئن عليها هي وابنه، وجدها مجهدة كالمعتاد من آثر الولادة الذي لم يخرج من جسدها بعد، والطفل ينام بعمق واطمئنان بجانبها


جلس بجانبه يداعب وجنته الصغيرة واردف : أنت ابني أنا وعشق بجد؟ عشق الشقية اللي خدتني لطريق مش شبهي بس كان سهل عشانها، عشق اللي قعدت ليالي حلمي بس تشاركني نفس السرير


تأمل عشق التي تأني بتعب سرعان ما فتحت عيناها قائلة : أنت هنا بجد؟ أنا تعبانة بطني بتوجعني اوي وابنك بيتقلب صعب، قولي معلش


رد رعد بهدوء : معلش


عشق بإبتسامة : كله عشان هو ابنك يهون


اتجهت لحضنه تضمه بقوة كذلك هو، قَبل جبينها عدة مرات وهمس لها : الحمل كان صعب؟


عشق بنوم : اوي كنت بموت، انا حاسه إني كنت بحس بتفتيح جسمي يا رعد وكنت مش بنام كتير، ماما عشق شالتني كتير


تساءل بحزن : زعلتي مني؟


عشق بتعب : لما شوفتك نسيت كل حاجة


وضعها على السرير واستغل تعبها الذي جعلها لم تكن في وعيها الكامل، كان يرتشف رحيقها بتمهل ويستمتع باختفائها عن الواقع..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


في منزل يوسف
بدأت جاسمين تحاول الإتصال بإخواتها حتى يُقْبلوا من منزل الشافعي لكن لا أحد فيهم يجيب، خرج يزن من غرفته ولم يكن ينشغل هكذا كما تفعل جاسمين، هي ويعقوب وآيسل أطفال بالنسبة له على الصخب الذي يقوموا به


يزن ناضج بشكل كبير ويُعتبر أنضج أولاد يوسف رغم سنه، جلس في المطبخ قائلاً : حبيبتي طابخة ايه النهاردة؟


سيلا بإبتسامة : أنت عايز تاكل ايه؟ أنا بفرح اوي لما بتيجي وبتقعد هنا


يزن بمرح : هانت تلت سنين وعلى قلبك ليل نهار يا ست الكل، رني على يعقوب كده عشان جاسمين قاعدة بره متضايقة


ردت بحنية وهي تمرر يدها على شعره : مش بتعمل ذي اخواتك ليه؟


رد بعفوية مرحة : انا عاقل مش ذي المجنون اللي ليل نهار عمال بيعمل تيك توك مع سيليا، دا خرب بيته هدايا وحاجات ليهم، الكبير بس مش العاقل خالص


ضغطت على وجنته قائلة بمرح : بس احن واحد فيكم


ابتسم مؤكدًا برأسه فاردف يوسف : انا معتش طايقة بجد وبفكر اطرده نهائي


سيلا بحدة : دا أنا اطردك أنت وبناتك كمان، ولادي دا مكانهم وبيتهم


تحدث يزن بمرح : يحيا العدل


بينما في الخارج رن ليث على جاسمين التي أجابت بضيق : نعم


رد ليث بمرح : صباح النور


أجابت بحدة وانفعال غير مبرر : ليث انا مش طايقاك فاهم؟ جيب من الآخر عايز ايه؟


عقد حاجبيه باستغراب واردف : هكون عايز ايه؟ مالك يا جاسمين في ايه؟


جاسمين بغضب : الأستاذ يعقوب بايت مع سيليا في بيت بابا رعد وأنا بجد مش طايقه نفسي، يا ريتني فضلت معاهم


ليث بهدوء : جاسمين زودتيها بجد أنتم مش عيال وبعدين المفروض كنا نتجوز من أمته وحضرتك اجلتيه بسبب يعقوب وسيليا ومش عارف ايه!


عقدت حاجبيها قائلة : انا قولتلك نفسي اقعدي مع اختي يا ليث


رد ليث بعتاب : لا ي جاسمين أنتِ قولتيلي عايز تكمل كمل، مش عايز امشي بس انا مش هتجوز الوقتي، أنا مستحمل وصابر لحد ما اجيب اخرك، سلام


اغلق معها وظلت هي تنظر للهاتف شاردة، تذكرت كلمات آيسل لها : لو يرجع لحظة واحدة بس يقولي عايزك فيها هروح ليه طايرة، يا ريت فهد ذي ليث يا جاسمين والله كنت اتخليت عن الدنيا كلها لأجل خاطره


وهي تبدع في إخراج اسوأ ما فيه..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


أحضرت آيسل ملابس لها من منزلها ثم اتجهت تأخذ دش وارتدتهم، اتجهت تجلس مع عشق الكبيرة وتسنيم التي خرجت لتوها وبدت ملامحها متغيرة، أحضرت الخادمة أكواب من الماء فأخذت تسنيم واحد تشربه ثم وضعته وهي تلاحظ تغيره في فمها


تحدثت آيسل بقلق : مالك متنكدة ليه؟


ردت تسنيم : مش عارفة، ماما هو بابا فين؟


في نفس الوقت دخل رعد الكبير فوقفت تتجه لحضنه وبدأت تبكي، نظر رعد باتجاه عشق التي حركت كتفها بمعنى لا تعلم، بدأ رعد يتحدث معها واستنتج أنه لا شيء..


تجمع الكل على طعام الإفطار ثم وقف أدم قائلاً : عايزين حاجة؟


ردوا جميعًا ثم اتجه إلى عمله، واردف يعقوب : يلا يا آيسولة


رفع رعد الكبير عيناه قائلاً : استنى يا يعقوب أنا عايز اتكلم معاها، خلصي وتعالي ورايا يا آيسل المكتب


اتجه ونظر الجميع لها فاردفت : والله ما عملت حاجة من امبارح للنهاردة، انا خوفت


ضحك الجميع ووقفت تتجه للمكتب، جلست أمام رعد الذي قال : أهدي في ايه انا مبضربش على فكرة!


رفعت نقابها والتقطت ورقة تحركها أمام وجهها، عاد يبتسم بخفة وبدأ يتحدث معها : الحوار بخصوص فهد ابني، طبعًا انا مش مقتنع بكلام يوسف خالص طالما هو مش منك بس انا بشجعه على اللي بيعمله ولو مكنش يوسف عمله انا كنت هعمله في فهد، هو عايز قرصة ودن صعبة شوية


تنهدت آيسل قائلة : بس فهد يبعني في دقيقة يا بابا، من معاشرتي ليه انا حفظته


رعد بهدوء : أيوة انا عايز اوصل للنقطة دي، فهد عنده وسواس من نحية الصلاة والحلال والحرام وطبعًا حاولت كتير اوصل ليه نقطة التوازن ذي أخواته بس موصلتش ودا بسبب إنك مكنتيش في حياته طول السنين اللي فاتت


آيسل وهي تضرب كف بآخر : منك لله يا زينة


ضحك بخفة واردف : ولاد يوسف عايزين ايه من عشق؟ المهم النقطة اللي عايز اتكلم فيها فهد هو فهد، موافقة تكملي معاه اعرفي إن أول سمة فيه هي البرود، هو لامبالي لأبعد الحدود، في ثانية في السما والتانية في الأرض، هو مش وحش بس طبعه كده يا بنتي ومش سهل نغير الأطباع، رضيتي يا آيسل يبقى ترضي بأطباعه، كل واحد فيه العيوب والمميزات


اكتفت بهز رأسها وبدأ شريط حياتها معه يمر، تحدثت بهدوء : أنت قولت بنتي، ترضى لبنتك تكمل مع فهد لو عريس لابنها


رعد بتأكيد : أيوة طبعًا ارضى، فهد مش وحش بس الطبع غلاب، أنا في يوم من الأيام كان عندي استعداد من زعلي اقاطع مامتك عشق بالأسابيع، محدش فينا كامل بس في طبع الواحد عارف أنه يقدر يتحمله وواحد لا، هي موصلتش للمرحلة دي بالساهل ولا انا وصلت بالساهل


ظلت تفكر دون حديث وأكمل : انا مستني قرارك أنتِ يا آيسل، لا كلامي ليه فايدة ولا كلام يوسف ليه فايدة


آيسل بحزن : تمام يا بابا


إذا اردتي فهد اقبليه بما هو عليه، لكن كيف تعيد ما حدث سابقًا مرة آخرى، فهد البارد، أسد العصبي، رعد المتهور، هل كل واحدة تستطيع تقبل شريكها؟


كان رعد الصغير يراسل أحدهم وعشق تتابعه بحزن، نظرت باتجاه الكبيرة التي تلاعب معاذ بسعادة سرعان ما ابتسمت


عشق الكبير بضيق : متاخديش مقلب، دا ابني وانا أس التفرقة العنصرية في البيت ده فاهمة؟


اتجهت تضمها وتُقبل فيها بمرح، صرخت عشق : ابعدي يا بت متبقيش ملزقة


عشق بمرح : بحبك بحبك وأنتِ حلوة كده


أعطت الصغير لرزان وهي تدفع عشق بغيظ فبدأت عشق تدغدغها بمرح، ضحكت كلاهما بمرح واردفت عشق الكبيرة وهي تحدث ابنها : خسارة فيك والله


اكتفى بهز رأسه ثم اغمض عيناه لبرهة متذكر ما قد فعله، بدأت دقات قلبه تتصاعد وهو لا يصدق ما فعل معها، لم تشعر ولم تدري لكنه لن ينسى


ضحكتها الجميلة ترن في أذنه دون رحمة كذلك ملامحها كأنه يقع في عشقها من البداية..


وضعت تسنيم يدها على رأسها وبدأت تشعر بارتجاف بسيط، أتى ريان وألقى السلام عليهم ثم اتجه يجلس بجانبها قائلاً بقلق : مالك؟


أشار أسد له أن يتحدث معها، بدأت تبكي دون صوت وهمست : مش عارفة بس أنا مش كويسة، عايزة ارجع بيتي


جلس رعد الصغير بجانب ريان وقد استمع لما قالت، رد بحدة : دا انا قتيل فيها، ترجعي فين أنتِ خلاص ملكيش بيت غير هنا


تحدث أسد باستغراب : في ايه؟


أتت آيسل واردفت : يعقوب يلا


وقف يودع عشق الكبيرة كذلك آيسل التي قامت بتوديع الكل، لم تنظر إلى فهد نهائي، نظرت باتجاه تسنيم الباكية وانهمرت دموعها هي الآخرى، وقف أسد وسحبها من يدها ثم اتجه إلى جناحه دفعها للداخل واغلق الباب


تحدث بحدة : أنتِ عايزة مني ايه؟ بتعيطي ليه؟


تسنيم بحزن : انا عايزة ارجع بيتي، مش عايزة أفضل هنا، انا مخنوقة هنا يا أسد ومش قادرة اقعد


أسد بغضب مكبوت : ليه؟


تحدثت بانفعال : من غير ليه، انا مش عايزة افضل في مكان أنت فيه يا أسد، دا مش بيتي ولا مكاني


سحب نقابها سرعان ما قبض على فمها بغضب يصمتها، أغمضت عيناها بألم سرعان ما بكت أكثر وكادت تقع، حاوطها قائلاً بانفعال : لو سمعتها تاني هكسرك يا تسنيم فاهمة؟


صمتت من خوفها منه لا اكثر، أرادت أن تقول له لقد تغيرت حقًا لكنها لم تفعل خوفًا..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


مر ثلاثة أيام
حاولت تسنيم التأقلم في الوضع وكبت رغبتها الكبيرة في الفرار من كل هذا، وذات يوم تسللت تسنيم إلى غرفة الصغير عقب ذهاب أسد إلى العمل، وقفت بجانبه تضع إصبعها في يده ثم داعبت وجنته الصغيرة وعيناها تلمع، فتحت نور الباب فجأة


شهقت تسنيم وهي تعود خطوة للخلف ثم قالت : أنا آسفة يا نور جيت بدون إذنك بس كنت عايزة اشوف سليم، لو عندك مانع أنا ..


ردت نور بهدوء : لا معنديش مانع، شوفتك أصلا وجبت لينا عصير، اتفضلي


حملته تسنيم عنها ترتشف القليل وعادت تنظر للصغير، بدأ بالبكاء سرعان ما حملته لحضنها فهدأ سريعًا، ضحكت قائلة : شعور حلو اوي صح يا سولي؟ عرفتني؟


تأملتها نور قليلاً واردفت : بابا اتكلم معايا النهاردة على الطلاق، عايزني انفصل عن أسد واخد ابني وارجع


لمعت دموعها واردفت : ليه؟ خلي سليم جنب باباه يا نور وخليكي جنبه، أنا معنديش مانع والله عشانه


ردت نور بهدوء : بتحبيه يا تسنيم؟ اقصد سليم


ردت بعفوية : دا ابن أسد يبقى ازاي محبوش


اقتربت نور قليلاً واردفت : ابن أسد جيه إزاي؟ في الوقتي أسد، تسنيم، نور، سليم، سليم محتاج نور وأسد ونور محتاجة أسد وأسد محدش هيبقى جنبه ويسنده غير ابنه، عرفتي مين الزيادة في الحكاية .. أنا مش بنتقدك ولا اقصد ازعلك بس أسد لو بيحبك وباقي عليكي عمره ما كان قرب مني


ابتلعت ريقها بتوتر وبدأت دموعها بالانهمار، فأكملت : وبعدين أول امبارح كان حابسك وامبارح كان فرحان بيكي والنهاردة رجع شغله وبكره لابنه وبعده ليا أنا وابنه، تسنيم فين؟ تسنيم ايه؟ تسنيم ولا اي حاجة .. وما الحب إلا للحبيب تؤ مش الأول لأن لو الأول مكنش بقى في سليم ولا ايه رأيك؟


جلست تسنيم على طرف السرير الصغير قائلة : أنتِ عايزة ايه يا نور؟ اطلق؟ انا مش هطلق لأن ببساطة أنتِ وسليم وعيلة الشافعي كلهم مش هتحبوا أسد نص حبي


ضحكت نور ساخرة واردفت : يا حرام بس هو مش بيحبك للأسف الشديد


سحبت ابنها من بين يديها قائلة : ودا كمان مش هيحبك، أنتِ بتحاولي تفرقي بين أبوه وأمه لأنك معندكيش ذيه، متعرفيش يعني ايه ابن ويعني ايه تيجي على كرامتك عشانه، شوفتي ربنا حرمك ليه؟


تسنيم بحدة : غبية، ربنا لو حب عبد يبتليه وافكرك أنا مش بخلف بس قلب أسد ليا


غمزت قائلة بخبث : مش هيطول وهيزهق، صدقيني لأنك ملكيش لازمة


غادرت تسنيم المكان بعدما كسبت نور المباراة، دخلت جناحها الخاص وأغلقت الباب بقوة ثم بدأت تطرق قدميها على الأرض بانفعال


على غير العادة مؤخرًا أتى أسد باكرًا جدًا، دخل الجناح مباشر واردف بحدة : لابسه النقاب ليه؟ اقلعي


تحدثت بحدة : اطلع بره يا أسد


اتسعت عيناه واردف بزهول : وأنا عملت ايه يا بنتي؟


وقفت وبدأت تدفعه بانفعال : كل ده ومعملتش حاجة، أوام روحت اتجوزت لا وخلفت وقال ايه بحبك يا تسنيم وبموت فيكي يا تسنيم، بتموت فيا منين وخلفت منها منين؟ أنت بتضحك على عقلي يا أسد


مسك يدها قائلاً بتوتر : مراتي عادي وكانت حلالي


جذبت يدها منه قائلة : حلالك! طب روح لحلالك يلا وسبني الوقتي


قبض على فكها يرفع وجهها قائلاً : لما احنا حلوين وبنغير مش بنقولها ليه؟ أنتِ عارفة هي كلمة منك والحكاية دي كلها تخلص


بدأت دموعها تنهمر ثم احنت وجهها، مسح دموعها بإبهامه واردف : بتعيطي ليه؟ خلاص يا تسنيم كفاية، تعالي


جذبها لحضنه فاردفت : هو أنت بجد نستني، يعني معقول


رد بضيق : مين الحمار اللي قالك كده


بدأت تضربه بعشوائية قائلة بغيظ : أنت الحمار، أنت لوحدك الحمار فاهم؟


قبض على يديها ثم احنى وجهه أسفل نقابها، طرقات على الباب جعلته يعود للخلف سريعًا، أدارت وجهها بخجل واردفت الخادمة : أسد بيه باسل بيه عايز يشوف حضرتك


عقدت حاجبيها قائلة : اخويا!


أشار لها بالذهاب واردف : هشوفه وراجع تاني يا قطة، لسه عبيطة والواحد يصالحك في مينت


اتجه حيث باسل الذي كان معه تامر، عقد أسد حاجبيه محاولاً تذكر من هذا الشخص، مرر تامر يده على جرح بجانب فمه ولمع الغل في عيناه ثم قال : تسنيم فين؟


ضيق أسد عيناه فاردف باسل : اسمع يا أسد بيه، تسنيم اختي مخطوبة لدكتور تامر من تمن شهور ولا حاجة وعلاقتهم كويسة وبيحبوا بعض


قبض أسد على أنامله وبدأ يطرق على المنضدة قائلاً : إزاي بقى؟


أردف تامر : مفيش حاجة اسمها إزاي، أنت واحد متجوز وعيب اوي تحط عينك على خطيبتي، أنا جاي هنا ومش هتحرك من غير تسنيم حبيبتي


أغمض عيناه لبرهة ثم فتحها وقال : أنت بتقول اي كلام؟ تسنيم مراتي


اكمل تامر بخبث : بس بتحبني انا وعايزاني انا حتى روح اسألها


أقترب أسد منهم وفجأة حمل كرسي وكسره على ظهر تامر، وقع تامر أرضًا بعدما صرخة بقوة وأتت تسنيم بسرعة على الصوت كذلك عشق الصغيرة والكبيرة، شهقت تسنيم قائلة بلهفة : دكتور تامر! أنت عملت ايه يا أسد؟ أنت اتجننت!


جذبها بعنف صارخًا : أنتِ كنتِ مخطوبة للحيوان ده؟ ردي عليا! اتخطبتي يا تسنيم؟


نظرت باتجاه أخاها وقد غلبها الخوف عليه، كذلك تامر باكية واردفت : أيوة


بدأت يداها ترتجف برعب سرعان ما جذبها، شهقت كلتا العشقتان بخوف حين استمعا لصوت إغلاق الباب، تحدثت الصغيرة : ماما بقولك


عشق الكبيرة بتوتر : قولي


عشق الصغيرة بتفكير : هو ظابط الجنايات بياخد إعدام ذي الباقي ولا بيبقى في درجات رأفه؟


طرقت الكبير يد بالآخرى واردفت بأسف : إنا لله وإنا إليه راجعون...


ضحكت عشق الصغيرة كذلك الكبيرة ولم تلمح ذاك الذي يعيد التفكير فيما بينهما، تحدث ريان بمرح : حب جديد دا ولا ايه؟ بس انا مستغربك


رعد بعدم فهم : إزاي مش فاهم!


رد ريان قائلاً : الوحيد فينا اللي حللت الحرام وحبيت، تعرف أنا لو منك والله ما اطلعها من جناحي من حبي فيها وبعدين يكفي إنها على هوا ماما


حسنًا عشق الكبيرة أصبحت لا تنفصل عنها كأنها توأم لها وليست زوجة ابنها، تشاركها في حمل ابنها وأفكارها التي تصغر سنها بأعوام


بينما في جناح أسد شعرت تسنيم بصداع غير عادي يصيبها، باتت تخرج منها صرخات مكبوتة وهي تجده يدور حول نفسه، صرخ بها : إزاي تسمحي لنفسك تتخطبي ليه؟ ردي عليا


تسنيم بتعب : ذي ما أنت سمحت لنفسك تتجوز ومتقولش أنت الراجل لأن والله لو قولتها ما هقعد فيها لحظة تانية وما هتلمح طيفي حتى


صرخ بها بغضب : أنتِ عايزة مني ايه؟ أنتِ كنتِ فين؟ مجتيش منعتيني ليه


تسنيم بهدوء وهي تخلع نقابها : لو أنت باقي عليا مكنتش استنيت انا اجي اقولك اقف


لا تعلم لما شعرت بنفس الضربات التي تلقتها على رأسها تعود مرة آخرى، جذبها يهزها بغضب قائلاً : ولا كلام الدنيا يبرر موقفك يا تسنيم، اديني سبب مقنع أو ..


دفعته قائلة : مفيش أسباب يا أسد


أسد وهو يقبض على أنامله : قوليلي عايزة ايه؟


ردت هي بدموع تنهمر : عايزة أطلق يا أسد انا مش حابه اعيش معاك، خلاص في حاجة اتكسرت ومش هتتصلح، انا لما بشوفك بتخنق ووجودي في نفس المكان صعب عليا


عاد يصرخ باسمها بجنون ولم يجد هذا حل، اقترب يضمها لحضنه فدفعته قائلة : متقربش يا أسد أنت غريب عني


غريب! ما قسوة كلماتها! أسد حبيبها غريب عنها! ما هذا الألم الغير طبيعي! مسحت دموعها وهي تكمل : أنا حاسه إن وجودي معاك خيانة لذكريات حلوة كتير، طلقني يا أسد وليك مني مش هتجوز بعدك بس ننفصل، انا مش عايزاك ولا عايزة المكان ده


بعد دقائق من الصمت أردف : لو عيشتي ربع اللي أنا عيشته عمرك ما تقولي كده، النار عمرها ما بتلسع غير اللي ماسكها


خرج من الجناح يجذب الباب بقوة وقد انسحبت قواها وجلست على الأرض بتعب تسند رأسها على طرف السرير..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


ليالٍ من الإنتظار الذي لا ينتهي
دموع لم تتوقف للحظات
ألم قد ازداد في قربه ليس فراقه
اليُتم الذي لم تشعر ذاتها به قد أشعرها إياه
قسوة كلماته كانت بمثابة خناجر تنغرس بصدرها
وف النهاية لن يتغير


اتجهت حيث يوسف والدها تتمدد في حضنه تستشعر أمان فقدته لسنوات طويلة، بدأ يخبرها ذكرياته الجميلة معها معبرًا عن مدى تعلقه وحبه لطفلة الصهباء


تحدثت بهدوء : بس أنا عيشت معاك هنا أيام حلوة، كنت بحسدني عليك


يوسف وهو يُقبل جبينها : كان بيجي ليا أيام عايز اخدك في حضني، سيلا كانت بتغير منك ومفكراني إني بعاني من مراهقة متأخرة


انفجرت ضاحكة كذلك هو واردف : سيليا مش ناوية تبدأي ثانوي عام من جديد، هدخلك احسن مدرسة واحسن كلية يا حبيبتي ذيك ذي اخواتك واحسن


آيسل بإبتسامة : متقلقش يا حبيبي انا كويسة في كليتي وبحبها، يكفي إن بنوتك من أقل حاجة بترتب على الدفعة


ابتسم بفخر واردف : ما شاء الله عليكم كلكم، عندي رجل الأعمال والدكتور والتمريض والمهندسة، أنتم فخري ربنا يبارك فيكم


تترك يوسف! يوسف وحنيته ودفء صوته واحضانه، يوسف العملاق الذي يملك اطيب قلب، لأجل برود احضان الفهد!


فكرت آيسل قليلاً واردفت : بابا ممكن اطلب منك طلب


يوسف بحنية : اكيد يا نور عيني


تحدثت بهدوء : عايزة أطلق من فهد ...


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


وقف يعقوب ينتظر أخته عقب انتهائها من محاضرتها الأخيرة لأنها تتكاسل اليوم عن قيادة سيارتها، شعر فجأة بأنه يعشق حياته وأخواته ووالده وسيلا كثيرًا، هو يفتقد لشيء واحد وهو تلك التي تضع له العذر


وجدها تُقبل عليه بهدوء ثم أكملت طريقها، مسك ذراعها قائلاً : لو مروحه استنى جاسمين زمانها جايه نروح سوا


ردت بهدوء : لا شكرًا هاخد اي تاكسي


ثبتها بجانبه واردف : اعتبريني تاكسي يا هانم لو دا هيريح سيادتك


لم تجب ووقفت تسند ظهرها على السيارة، تحدث هو : مبسوطة في حياتك؟


همهمت بتأكيد فأكمل : ليه يا جوان؟ يعني معقول بعد ما سمعتي الفويس تعملي فينا كده!


مقطع صوتي ماذا الذي يتحدث عنه؟ مهلاً يا جوان غير مهم فهو ابتعد لأجلها فقط، تحدثت بهدوء : قدر الله وما شاء فعل، ربنا يعوضك خير


مد يده ومسك يدها سرعان ما سحبتها قائلة : جاسمين طلعت اهي يلا انا هركب


أغمض عيناه لبرهة يكبت حزنه ثم ركب هو الآخر وقاد عائدًا للمنزل، وفي طريقه كان ينظر لها ويتابعها بحزن واضح وفجأة صرخت جاسمين : يعقوب حاسب...


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


اتجه رعد الصغير إلى المستشفى حيث المكان الذي يجد في نفسه وإبداعه، سَلم على زياد ثم عمار الذي قال بمرح : عندك ليست عمليات ملهاش أول من آخر، اقتصاد المستشفى بقى معتمد عليك يا ابو حاجة وعشرين سنة أنت تغطي علينا


رد زياد بإبتسامة : كان حلم حياتي زاد يبقى ذيك كده، كل واحد اختار طريقه واتقن فيه وأنت الله اكبر عليك أتقنت بزيادة


ابتسم رعد قائلاً : يا ريت الواحد ناجح في حياته الشخصية ذي العملية كده، المهم خلي حد يرتب ليا العمليات دي وأنا هبدأ من النهاردة بليل


تساءل زياد بمرح : أخرك كام عملية في اليوم؟


فكر قليلاً واردف : مش فارقة انا خلاص تجاوزت مراحل الكسل، هبهرك


رد عمار بضحك : أنا مبهور بيك لوحدي


بعد محادثة طويلة اتجه إلى مكتبه، نادت صفا عليه : دكتور رعد


التفت له واتجه يسلم عليها باليد واة وإن رأه والده يفعل هذا، اردفت : فينك؟ مش بترد عليا ليه؟ وعملت ايه؟ رعد


أشار لها بالهدوء واردف : مش عارف اكلمك لأن بابا كان عازم قرايبنا عشان الولاد وكده، ذي وليمة بس صغيرة


همهمت بضيق واردفت : شوفت ابنك؟


أكد بخفة فأكملت : رعد أنت لما شوفت عشق اترددت؟


مرر يده على جبينه، وقال : صفا انا مواعدكيش بحاجة تمام؟ أنتِ قولتيلي في مرة اعتبر نفسك بتسلى وطول ما عشق على ذمتي اعتبريها تسلية


تحدثت صفا بحدة : رعد أنت مِلك ليا فاهم؟ أنا مش هسيبها تاخدك لأن انا موصلتش للمرحلة دي بالساهل


تنهد وهو يشير لرأسه : أنا مصدع يا صفا ومش فايق، أروق ونتكلم


اتجه للداخل واغلق الباب عليه، انحنى وهو يتنهد متذكر قصة حبه من البداية، جلس على كرسيه يلتقط صورة مع والده واردف : أنا محتاجك اوي، عارف إني خذلتك كتير بس والله ما ليا غيرك


ضم صورته لحضنه وفجأة دقات على الباب ودخل رعد الكبير، نظر الصغير له وابتسم قائلاً : أنت إزاي كده!


رد أباه وهو يجلس : وانا إن مكنتش كده اعرفكم من نظرة أبقى أب؟


ابتسم بخفوت وهنا تذكر رعد أنه عرف من عيناه ما به فأتى خلفه سريعًا، تحدث رعد الكبير : بتفكر في ايه؟


رد هو بتوتر : أنا عايز اتجوز تاني


أردف الكبير بهدوء : الدكتورة اللي كانت معاك؟ وسيبت مراتك في عز شدتها عشان تتصرمح


نظر رعد لأسفل قائلاً : يا بابا والله العظيم كنت بشتغل


رد الكبيرة بحدة : شغل ايه الأولى من عيلتك يا رعد؟ لما تقع شغلك هيشيلك؟ بص يا رعد مراتك في غفلة لأنها الوقتي مش شايفة غير حبها ليك وقصادها إنها عايزة تفضل معاك، لو مستغلتش الموقف محدش هيدفع التمن غيرك


تحدث الصغير : انا معتش بحبها يا بابا وصفا .. يعني الدكتورة اللي عايز اتجوزها ...


تحدث الكبير ببرود : اللي وقعتك في مراتك من الأول صح؟ عيبك أنت لوحدك إنك مفكر إني غافل عنك، انا النفس اللي بتنفسه بيوصل لحد عندي


زاد توتره ولم يعد يتمالك نفسه، أردف : بابا سيبني من غير ما تقيدني


رد رعد الكبير بإبتسامة بسيطة : أنت شايف إني بقيدك؟ حيث كده بقى أنت حُر


وضع رعد يده على وجهه يمررها بعشوائية واردف : يعني ايه؟


وقف رعد الكبير وفتح ذراعيه له، اتجه الصغير يضمه بقوة وربط الكبير على ظهره قائلاً : اقصد أنك حُر في حياتك الزوجية غير كده هتفضل ابني وقلبي عليك، انا عمري ما اشيل ايدي من حد فيكم غير لما الكفن يلفني، أنتم شقى عمري وخليفتي وحياتي كلها يا رعد


اغمض الصغير عيناه قائلاً : ربنا يطول في عمرك يا بابا ويبارك لينا فيك ويهديني عشان خاطرك


بعد رعد الكبير رأسه قائلاً : يهديك عشان مراتك وابنك، وارجع واقولك بيت عشق الشرقاوي ميشيلش لواحد فيكم اكتر من واحدة


رد الصغير بمرح : واشمعنا أسد بقى؟


رد الكبير بإبتسامة : تفرقة عنصرية، مش عايز تقاوحني في الفاضي


اكتفى بهز رأسه وقَبل الكبير رأسه ثم خرج يحاوط كتفه، أتى زياد واردف : ايه الدخلة دي؟ انا كده ناويت احسدك أنت وولادك


ابتسم الكبير بخفة ثم أتى له إتصال، وقع الهاتف من يده...


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
كده الفصل الثاني خلص


بقلمي/سماء أحمد
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★

إرسال تعليق

أحدث أقدم