عشق الرعد الجزء الرابع الفصل الثالث

عشق الرعد الجزء الرابع الفصل الثالث


البداية


الفصل الثالث


في قصر الشافعي
خرجت تسنيم شادرة الذهن تسير كالأعمى الذي يحفظ عدد الخطوات للوصول للمكان المراد، وجدت رعد الكبير يجلس وفي يده المصحف في زاوية معتادة، جلست بجانبه وقد بدأت دموعها بالانهمار


همست له بتعب : أنا مش كويسة يا بابا


حاوط كتفيها وبدأ يتلو القرآن الكريم بصوت مسموع، انفجرت باكية وهي تخفي نفسها في حضنه ووقفت الصغيرة تتأمله


تحدثت الكبيرة : تسنيم مش عجباني، تعالي نشوف أسد عمل فيها ايه!


نظرت باتجاهها قائلة : جوزك بيحبها هي وآيسل وكمان بيسمع لرزان بس مش بيحبني، هو بيكرهني صح؟


عشق الكبيرة بسخرية : ومين الزقردة اللي كانت كل دقيقة عندنا تخليه يتوسط ليها في حاجة، وبعدين كفاية اسمك على اسمي دا هو بيحبك عشان كده


فكرت قليلا سرعان ما عبست ملامحها، اتجهت عشق الكبيرة قائلة : رعد عشق بتقول انك مش بتحبها وبتحب باقي البنات عنها


اتسعت أعين الصغيرة ونفت برأسها قائلة : لا محصلش


رد رعد الكبير بإبتسامة طفيفة : كفاية إن اسمك غالي، كلكم بناتي وعندي ذي بعض وبعدين عشق معدتش بتعرف تقعد دقيقة من غيرك، كده الطمع وحش


ضحكت الصغيرة وهي تضم الكبيرة التي قالت : شوفتي بيحبك هو كمان وبعدين يا عبيطة حد يعرفك وميحبكيش


عشق الصغيرة بهمس : الحلوف ابنك


رن هاتف رعد الكبير سرعان ما أجاب قائلاً : سلام عليكم


رد يوسف : وعليكم السلام، عندي ليك حتة خبر يخليك تعملي بلوك فوري


ابتسم رعد بخفة قائلاً : حاسس هتقول ايه بس أحب اسمع


أطلق يوسف تنهيدة بسيطة ثم قال : سيليا عايزة تطلق من فهد والظاهر والعلم لله قرار نهائي لأنها كانت بتتكلم بجد جدًا


هز رأسه بخفة ثم وقف يتجه للمكتب يتحدث معه، جلست عشق بجانب تسنيم قائلة : مالك يا بنتي؟ ايه اللي موصلك للمرحلة دي؟


نظرت باتجاهها وعادت تبكي دون مبرر فقط لأنها تريد هذا..


أما هناك نزلت الفتيات من السيارة كذلك يعقوب الذي اتجه يحضر لهما مياه، أعطى جاسمين واحدة والآخرى فتحها لجوان التي التقطتها تشرب القليل


تحدث بحزن : أنا آسف


جوان وهي ترتجف : حصل خير، المهم انك كويس ومحصلش حاجة


ناد عليها بقلق : جوان


انهمرت دموعها بحزن وهي تنظر له سرعان ما حاوطت عنقه تضمه بخوف، بدأ يهدأ من روعتها وبكائها يزيد ألمه من ناحيتها، استغفرت جاسمين ربها وهي تعطيهما ظهرها ورن هاتفها برقم ليث الذي ما إن استمع لما حدث حتى كان يُصارع الطريق..


ونعود إلى قصر الشافعي حيث دخل فهد المكتب بعدما أرسل والده رساله له أن يأتي ويتحدث معه، بالتأكيد الأمر يخص آيسل وقد يكون كارثي بسبب يوسف وأفعاله كذلك كرهه الكبير له


تحدث فهد : خير يا بابا حضرتك بعت ليا انك عايزني


هز رعد رأسه ثم قال : سيليا نفسها وبنفسها طلبت الطلاق


ضيق عيناه قائلاً : من مين؟


تحولت أعين رعد لنظرة ساخرة، أردف فهد بانزعاج : خالي تاني؟


نفى بخفة قائلاً : لا.. لما طلبتها نتكلم قولت ليها شيء ونتج عنه الطلاق والصراحة انا متفاجئتش لأنها لو مكنتش عملت كده تبقى مش طبيعية


هز رأسه بتفهم واردف : انا هقنعها تغير رأيها


ابتسم رعد بفخر بابنه واردف : مش عايز تعرف انا قولتلها ايه! مش عايز تلوم ابوك وتقوله بتخرب بيتي


نفى سريعًا بلهفة : لا والله يا بابا ما عاش ولا كان اللي يقول كده لحضرتك ولا يجي في باله، اكيد حضرتك أدرى بينا اكتر


استغفر رعد أولاً ثم قال : قولتلها فهد هو فهد مش هيتغير، يوسف رأيه ضغط عليك مش اكتر والقرار قرارها بس لازم تعرف انها لو رجعت ليك هترجع لفهد اللي اتجوزته من البداية لحد يوم ما سافر، هي خافت وحقها وبصراحة الفرحة والحنية اللي عايشة فيهم بالدنيا، اكيد مش هتسيب حضن يوسف الدافي وتيجي حضن فهد البارد غير لو بقى حضن جوزها ذي حضن ابوها


هز فهد رأسه بتفهم وقال : بس انا مش سهل عليا اتغير


بدأ رعد يتحدث وهو يتخيل عشقه أمام عيناه : لما تاخدها في حضنك وتلاقيها هي كمان بتحضنك، لما ضحكتها تبقى من القلب ليك لوحدك، ونظرة الرضا عن إنك بالدنيا وما فيها، ولما تخاف على زعلك مش منك، ولما تغلط وتلاقيها بتبص ليك على إنك الوحيد اللي تقدر تصلح وتعدي يبقى تستاهل انك تحاول تتغير، اتعود إن مراتك ضحكتها بالدنيا وما فيها هتتغير


رد فهد بتلقائية : بس انا فهد


اجاب رعد بإبتسامة طفيفة : وأنا كنت في يوم رعد وخالك كان في يوم يوسف، وأسد كان في يوم أسد وآدم كمان كان في يوم آدم، شوف احنا اي وقت بنكون فيه في قمة سعادتنا


فكر قليلاً وبدأ يراجع نفسه وأفعاله معها..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


في اليوم التالي
البارحة قد نامت على الأريكة بعيدًا عنه والغريب أنه تركها ولم يشغل باله، فتحت عيناها وجدت نفسها في حضنه يحاوطها جيدًا، قَبل جبينها برقة ثم همس لها : صباح الخير يا نيمو


ردت بهدوء : صباح النور، انا نمت هنا إزاي بقى؟


تحدث بحدة طفيفة : يعني محدش قالك إن لا يجوز الواحدة تنام بره سرير جوزها أو تديه ضهرها او حاجة تالتة كده مبتتقالش


هتفت باستغراب : حاجة ايه؟


انحنى يهمس لها : ما قولنا مبتتقالش


حاولت دفعه بخفة قائلة : ابعد يا أسد لو سمحت، أسد


فجأة ضمها بطريقة أخفاها داخل أحضانه كسابق أيامهم سويًا، لم تتمكن من الحركة إنش واحد وبدأ يهمس في اذنها وهي تبكي..


أما فهد أرسل رسالة إلى يعقوب الذي دقائق ونزل له، لأول مرة يكون له أمر مع ابن خاله يعقوب وقد كان مُستغرب ذاته، تحدث يعقوب : كلام من الآخر عايزني ولا عايز سيليا


لم يجب فاردف بمرح : هجيبها متقلقش


رن عليها فأجابت : ايوه يا حبيبي في حاجة؟


يعقوب بإبتسامة : حبيبك! لا يا روحي بس البسي وانزلي عايزك


ردت آيسل بعدم فهم : في حاجة ولا ايه؟ إسدال ولا؟


يعقوب بنفي : لا إسدال عادي، مستنيكي عند المدخل فوريرة بقى


دقائق وطلت هي بإسدالها سرعان ما وقفت على بداية السلم تتأمله بتوتر ممزوج بحزن، استأذن يعقوب ثم ذهب واقترب فهد أمامها قائلاً : ايه الكلام اللي وصل ده؟ ضغط من خالي؟


ردت آيسل بهدوء : لا يا فهد دا قراري الشخصي ومش مضطرة على اي حاجة، دي رغبتي أنا


هز رأسه بهدوء واردف : الطلاق بقى رغبتك يا آيسل


أجابت بنظرة ثاقبة : أولاً انا سيليا يوسف الشرقاوي مش آيسل ثانيًا ذي ما انا بحترم اهل جوزي وبقولهم بابا وماما هو يقول لأهلي كده، بس معلش متعوضة في الجديد


جذب يدها قائلاً بحدة : متقوليش جديد عشان متزعليش


دفعته قائلة بانفعال : متقدرش تعمل حاجة عشان أنا في بيت ابويا، في ضهري هو وعندي بدل الأخ تلاتة يسدوا عين الشمس، انا معتش آيسل العبيطة اللي مستنية من حضرتك نظرة ومش هعدي لحظة دمعتي نزلت فيها ولا هسامح يا فهد سامع؟ الطلاق قراري الشخصي وبعد تفكير


ترك ذراعها قائلاً : بعد تفكير ولا بعد كلام بابا معاكي


توترت ملامحها ثم قالت : بابا رعد مقالش ليا حاجة ومتدخلش طرف تالت


عاد يهز رأسه بخفة واردف : يعني مقالش ليكي فهد اهو بطبعه عايزة تتقبليه كده اتقبليه، مش عايزة بلاش


آيسل وهي تربع يديها : وهو بلاش يا فهد، بصراحة أنا زمان كنت مستكترة كل حاجة عليا بس الوقتي شايفاني كتيرة عليك


ضحكة ساخرة ظهرت على فمه واردف : أنا مش بجري ورا حاجة يا آيسل، انا الحاجة بتيجي لحد عندي وعشان كده أنتِ ...


انسحبت الدماء من جسدها وهي تنتظر تحقيق رغبة داخلها ينكر إنكار كلي بها، اقترب من أذنها يهمس : دقات قلبك وصلت لودني بس متقلقيش، الفهد ليه كشماء واحدة ومش هيسيبها لو ايه!


قَبل أذنها ثم خرج من العمارة تاركًا إياها خلفه لا حول لها ولا قوة..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★

إرسال تعليق

أحدث أقدم